{فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} أي من التنبيهِ والتحذيرِ والمساهلةِ والعفوِ مع كمالِ القدرةِ على العقوبةِ {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ} قيلَ: هو اللهبُ الخالصُ وقيلَ: المختلطُ بالدخانِ وقيل: اللهبُ الأخضرُ المنقطعُ من النارِ وقيل: هو الدخانُ الخارجُ من اللهبِ وقيلَ: هو النارُ والدخانُ جميعاً. وقرئ: {شِواظٌ} بكسرِ الشينِ {مّن نَّارٍ} متعلقٌ بيرسلُ أو بمضمرٍ هو صفةٌ لشواظٌ أي كائنٌ من نارٍ، والتنوينُ للتفخيمِ {وَنُحَاسٌ} أي دُخانٌ وقيلَ: صُفرٌ مذابٌ يصبُّ على رؤوسِهم، وقرئ بكسرِ النُّونِ، وقرئ بالجرِّ عطفاً على نارٍ، وقرئ: {نُرسلُ} بنونِ العظمةِ، ونصبِ شُواظاً ونحاساً، وقرئ: {نُحُس} جمعُ نِحاسِ مثلُ لِحافِ ولُحُفِ، وقرئ: {ونَحُسُّ} أي نقتلُ بالعذابِ. {فَلاَ تَنتَصِرَانِ} أي لا تمتنعانِ {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} فإنَّ بيانَ عاقبةِ ما هُم عليهِ من الكفرِ والمَعَاصِي لطفٌ وأيُّ لُطفٍ ونعمةٌ وأيُّ نعمةٍ. {فَإِذَا انشقت السماء} أي انصدعتْ يومَ القيامةِ {فَكَانَتْ وَرْدَةً} كوردةٍ حمراءَ وقرئ: {وردةٌ} بالرفعِ على أنَّ كانَ تامةٌ أيَّ حصلتْ سماءٌ وردةٌ فيكونُ من بابِ التجريدِ كقولِ منْ قالَ:وَلَئِنْ بَقيْتُ لأَرْحَلَّنَّ بغزوة *** تَحوِي الغنائمَ أَوْ يموتَ كريمُ{كالدهان} خبرٌ ثانٍ لكانَتْ، أو نعتٌ لوردةً أو حالٌ من اسمِ كانتْ، أي كدُهنِ الزيتِ، وهو إمَّا جمعُ دُهنٍ، أو اسمٌ لَما يُدهنُ بهِ كالحِزامِ والأدامِ، وقيلَ: هو الأديمُ الأحمرُ. وجوابُ إذَا محذوفٌ أي يكونُ من الأحوالِ والأهوالِ ما لا يحيطُ بهِ دائرةُ المقالِ. {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} مع عظمِ شأنِها {فَيَوْمَئِذٍ} أي يومَ إذُ تنشقُ السماءُ حسبَما ذُكِرَ. {لاَّ يُسْئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ} لأنَّهم يُعرفونَ بسيماهُم وذلكَ أولَ ما يخرجونَ من القبورِ ويحشرونَ إلى الموقفِ ذَوْداً ذَوداً على اختلافِ مراتبِهم، وأما قولُه تعالى: {فَوَرَبّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ونحُوه ففي موقفِ المناقشةِ والحسابِ، وضميرُ ذنبِه للإنسِ لتقدمِه رتبةً، وإفرادُه لما أنَّ المرادَ فردٌ من الإنسِ كأنَّه قيلَ: لا يُسألُ عن ذنبهِ إنسيٌّ ولا جنيٌّ. {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} معَ كثرةِ منافعِها، فإنَّ الإخبارَ بما ذُكِرَ ممَّا يزجرُكُم عن الشرِّ المؤدِّي إليهِ، وأما ما قيلَ: ممَّا أنعمَ الله على عبادِه المؤمنينَ في هذا اليومِ فلا تعلقَ لهُ بالمقامِ.